مفهوم الرغبة :
المحور الثالث : الرغبة و السعادة
التحديد المفاهيمي:
الرغبة: هي الميل النفسي نحو موضوع ما واقعيا كان ام متخيلا و الذي يمثل امتلاكه من
طرف الذات الإنسانية متعة و لذة او ارتياحا. انها دافع نفسي و جسمي ينتج عن تحققه
او عدمه شعور اما سيء ) تعاسة ( او)سعادة(
.
السعادة : في دلالتها اللغوية هي اسم لفعل
سعد يسعد سعدا سعادة. و السعادة هي اليمين و هذا المفهوم الذي يعني الخير يشير الى
معنين : معنى مادي محسوس يتمثل في الارضاء ومعنى عقلي يتمثل في التدبير و على
مستوى فلسفي تتحدث في السعادة كونها "حالة إرضاء تام للذات يتسم بالقوة و
الثبات ويتميز عن اللذة للحظتها و عن الفرحة لحركيتها ".
التحديث الاشكالي :
اذا كانت الرغبة هي ذلك الميل نحو موضوع نفتقر اليه و
الذي يمثل امتلاكه مصدر متعة فهل يمكن القول ان امتلاك الانسان لهذا الموضوع يعني
تحقيقه للسعادة ؟ هل تحقيق السعادة بتحقيق الرغبات ثابتة و ضرورية ؟ بمعنى اخر هل
يشكل إرضاء الرغبات أساس السعادة المنشودة من طرف الانسان ام انه يقود لتحصل اللذة
و ليس السعادة؟ الا يمكن القول ان شرط الوصول نحو السعادة هو قهر اللذات الحسية
لتطهير النفس من محدودية الملذات الى فضاء
السعادة الروحية الواسع؟
الاطروحات
الفلسفية :
ابيقور : يؤكد هذا الفيلسوف ان
تحقيق السعادة رهين ب اشباع اللذات ينبغي على طالب السعادة ان يعتبرها غاية كاملة
و ان لا يولي عليها شيئا اخر ما دام ان تحقيقها كفيل بتجنيب الجسم الألم و النفس
الاضطراب على اللذات المقصودة لا تتعلق بالجسم فقط بل تشمل النفس كذلك هكذا يربط
ابيقور بين السعادة و تحقيق الرغبات لان اللذة التي نجنيها منها هي بداية الحياة
السعيدة هي القاعدة التي تنطلق منها في تحديد ما ينبغي اختياره و ما ينبغي تجنبه و
هي أخيرا المرجع الذي نلجأ اليه كلما اخذنا الإحساس معيارا للخير الحاصل لنا ولما
كانت اللذة خيرا طبيعيا و السعادة اعظم الخيرات فاللذة طريق وجب اتباعه لأنه خير و
الألم وجب تجنبه لأنه شر هكذا يرى ابيقور ان الانسان لا يمكنه الظفر بالسعادة الا
بغياب الألم و التمتع باللذة.
ديكارت : يرى ديكارت ان علاقة
الرغبة بالسعادة هي العلاقة وحدة و تلاؤم فالسعادة او البهجة باعتبارها افضل القيم
الأخلاقية الإيجابية التي اقامتها الطبيعة في الانسان تشكل غاية الانسان من امتلاك
الرغبات و تحقيقها غير ان ديكارت يلفت انتباهنا هنا الى كون الرغبات متعددة و
متناقضة نضرا لتعدد موضوعاتها وغايتنا منها غير ان اعظم درجة من السعادة هي التي
تأتي من شخص نرى فيه كمالات نفتقدها و أشياء لا نراها في شخص اخر فنشعر بالميل
نحوه معتقدين انه ذاتنا الأخرى التي بامتلاكها نكون قد امتلكنا الخير الاعظم هذه
الرغبة المتولدة عن تلك السعادة و الابتهاج هي عاطفة الحب.
احمد ابن مسكوية : ينتقد هذا
الفيلسوف المسلم التصور الابيقوري الحسي الذي يحصر سعادة الانسان في اللذة البدنية
لان الحواس و العقل الذي يميز الانسان لم توجد للسمو بالإنسان عن الحيوانات و ليس
لجعله مثلها فالسعادة المستخلصة من اللذات الحسية تجعل النفس الشريفة عبدا خادما
للنفس الشهوانية ما يجعل الفرق منعدما
طالب اللذة البدنية و بين الحيوانات على هذا الأساس يكرم ابن مسكوية النفس الشريفة
و سعيها نحو السعادة الحقيقية التي تمكن من الترفع عن البهيمية الحيوانية و مقاومة
لذاتها البدنية من خلال التمسك بمكارم الاخلاق لتحرير العقل ليبلغ السعادة
العقلية.
تركيب:
نستخلص من دراستنا ومناقشتنا من خلال المواقف السابقة بخصوص مشكلة العلاقة
بين السعادة و الرغبة ان من ربط السعادة في حدود الجسم و لذاته البدينة{ابيقور}و
هناك من ربط السعادة بالرغبات و عدد "السعادات" المحصلة بتعدد المواضيع
و درجاتها من البدنية الى النفسية في حين شدد البعض على ضرورة تجاوز لذات الجسد و
اهواءه و التمسك بالأخلاق لدفع العقل للوصول الى السعادة الحقيقية و على العموم ما
دام الانسان كائننا مركب و متعدد الروافد و المظاهر بين العقل و الجسد, النفس و
الثقافة فالسعادة بوصفها غاية الانسان لا تستغني عن احد جوانبه الأساسية.